خطة عربية جديدة لإدارة غزة وإعادة الإعمار: حل سياسي أم تحديات متجددة؟

اعتمدت الدول العربية يوم الثلاثاء خطة بشأن غزة اقترحتها مصر، تدعو إلى تشكيل لجنة "تكنوقراطية" لإدارة الأراضي تحت السلطة الفلسطينية، بالإضافة إلى نشر قوات حفظ سلام في غزة والضفة الغربية.
تفاصيل الخطة والموقف الإقليمي
اقترحت الولايات المتحدة الخطة كبديل لمقترح الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، الذي دعا إلى إخراج الفلسطينيين من الأراضي، وهي فكرة قوبلت بمعارضة إقليمية واسعة.
اجتمع زعماء عرب في القاهرة في قمة طارئة لمناقشة الخطة المصرية، حيث أوضح الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط أن الخطة "تشكل بديلاً عملياً وواقعياً للاقتراح بإجلاء الفلسطينيين"، مؤكداً رفض الدول العربية القاطع لأي تهجير قسري.
وأوضح أبو الغيط أن الخطة وضعتها مصر بالتعاون مع السلطة الفلسطينية، وتدعو إلى إعادة إعمار غزة على مراحل بتمويل عربي ودولي، مع الحفاظ على الوضع القانوني لغزة كجزء من الدولة الفلسطينية المستقبلية. كما ستُدار غزة داخلياً من قبل "تكنوقراط" مستقلين لمدة ستة أشهر، تحت إشراف السلطة الفلسطينية.
قوات حفظ السلام ومسار الحل السياسي
تنص الخطة على تشكيل لجنة من التكنوقراط لإدارة غزة، مع دعوة مجلس الأمن الدولي لنشر قوات حفظ سلام في الضفة الغربية والقطاع، وهو مقترح يهدف إلى تحقيق الاستقرار وتجنب اندلاع مواجهات جديدة. كما أكد البيان الختامي للقمة دعم رؤية الدولتين كحل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
وتُقدر تكلفة إعادة إعمار غزة بنحو 53 مليار دولار، وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة والبنك الدولي والاتحاد الأوروبي. وتشمل الخطة تخصيص 3 مليارات دولار لمرحلة التعافي الأولية، و30 مليار دولار لمشاريع تنموية كالمناطق الصناعية والموانئ والمطار.
تحذيرات من تهجير الفلسطينيين
حذرت الدول العربية في البيان الختامي من أن أي محاولة لتهجير الفلسطينيين أو ضم الأراضي الفلسطينية المحتلة "ستؤدي إلى صراع متجدد وتقوض الاستقرار الإقليمي"، داعية إلى تعزيز التعاون مع القوى الدولية لتحقيق سلام شامل.
وشدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على أهمية تنفيذ الخطة، مؤكداً توافق القادة العرب حولها. كما دعت القمة إلى عقد مؤتمر دولي في القاهرة قريباً لمناقشة إعادة إعمار غزة.
العقبات المحتملة وردود الفعل الدولية
في ظل رفض إسرائيل لأي إدارة من قبل السلطة الفلسطينية أو حماس لغزة، وغياب ممثلين عن حماس في القمة، تظل هناك عقبات أمام تنفيذ الخطة. وقد أكد المسؤول في حماس، سامي أبو زهري، أن الحركة "ترفض أي إدارة غير فلسطينية أو وجود أمني أجنبي في غزة"، متعهداً بعدم نزع سلاحها.
على الجانب الآخر، اشترطت كل من الإمارات والسعودية أن يكون تمويل إعادة إعمار غزة مرتبطاً بنزع سلاح الفصائل المسلحة.
تداعيات الحرب وأفق الحلول
تسببت الحرب التي اندلعت بعد هجوم حماس على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر 2023 في دمار واسع داخل غزة، حيث قُتل أكثر من 48 ألف شخص، وفق السلطات المحلية. ورغم اتفاق وقف إطلاق النار بوساطة أميركية وقطرية ومصرية في يناير، فإن المحادثات لا تزال متعثرة بسبب مطالب إسرائيل بإطلاق سراح الرهائن المتبقين.
في ظل هذه التحديات، تبقى الخطة العربية خطوة دبلوماسية مهمة، لكن نجاحها يعتمد على توافق إقليمي ودولي وإرادة سياسية قادرة على تجاوز العقبات الميدانية.
تعليقات
إرسال تعليق